قريبا

رواية إله الأحياء – غراتسيا ديليدا

تخلّى زيبيديو عن الطريق الرئيسة ليكسب الوقت واتّخذ درباً فرعيّاً بين سوريْن بائدين يهيمن عليهما العوسج. الدرب خطيرٌ إذ اعتاد المنحرفون الاعتداء على عابريه ونهبهم. وعلى الرغم من أنّه لم يحفل يوماً لخطورته، فقد اعتراه شعورٌ بالكآبة حينذاك لم يجرّب مثله من قبل، شعورٌ لا ينجلي إنّما يزيد خناقه ضيقاً على قلبه.

خُيِّل إليه أنّ لديه أعداء، يتربّصون به في كمينٍ خلْفَ السوريْن، وهو الذي ما كان لديه أعداء على الإطلاق. هناك عينان تومضان من خلال السياج فعلاً، وهذا لمعان نصل خنجرٍ هنا، وتلك فوّهة بندقيّةٍ هناك. يا لك من أحمق يا زيبيديو، إنَّ شمس المغيب هي التي تمازحك بهذا الشكل.

وبدا أنّ هديل الحمام، وتغريد الشحرور، وصرصرة الجنادب في مطالعها، تسخر منه بترنيمها اللامبالي. الطبيعة كلُّها تضحك، وحتّى أرهف عروق النبات والأعشاب السامّة تراقص نسائم المغيب: كلُّ شيء يتنعّم بفرحه، حتّى الظلال تنبسط نحو القمم لكي تختفيَ بعد أطول فترة ممكنة؛ أمّا أنت، أيّها الإنسان، وحدَك تنهش قلبَك بأسنانك نفسها. العدوُّ في باطنك بينما تظنّ واهماً أنّه خلْفَ السياج، وهذا كلّه لأنّك نسيتَ أنّ الله يريد لك أن تعيش يوماً بيوم مثل طير السماء ونبات الحقل.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى