تنمية بشرية

كتاب المرونة العاطفية – سوزان ديفيد

بينما نمضي في دروب حياتنا، لا يتاح أمامنا سوى القليل من الطرق التي يمكننا من خلالها معرفة المسار الذي علينا اتخاذه أو الذي ينتظرنا. ليس هناك منارات تحمينا من الاصطدام بصخور علاقاتنا الشخصية، ولا نحظى بجنود مراقبة في مقدمة سفينة حياتنا أو رادار في برج المراقبة لمشاهدة المخاطر المحجوبة التي قد تُغرق خططنا المهنية. بدلًا من ذلك، لدينا مشاعرنا – أحاسيس كالخوف والقلق والفرح والابتهاج – وهي نظام كيميائي عصبي يتطور ليساعدنا على الملاحة في التيارات المعقدة في الحياة.

المشاعر، بدءًا من الغضب الجامح وحتى الحب البريء، هي ردود أفعال جسدية فورية إزاء الإشارات التي تصدر من العالم الخارجي، فحين تلتقط حواسنا معلومات – إشارات خطر أو تلميحات للاهتمام العاطفي أو الدلائل على أننا مقبولون أو مستبعدون بين نظائرنا – فإننا نتأقلم جسديًّا مع هذه الرسائل الواردة؛ حيث تتسارع دقات قلوبنا أو تتباطأ، وتنقبض عضلاتنا أو ترتخي، ويتركز انتباهنا العقلي على الخطر أو ينسجم مع حميمية الرفقة الموثوق بها.

تحافظ هذه الاستجابات الجسدية “المدمجة” على تناغم حالتنا الداخلية وسلوكنا الخارجي مع الموقف المطروح، ولا تساعدنا على النجاة فحسب بل على الازدهار أيضًا، وكما حدث مع أورايلي، الضابط البحري بالمنارة، فإن نظام التوجيه الطبيعي بداخلنا، ذلك الذي تقدم عبر التجربة والخطأ خلال تطورنا عبر ملايين السنوات، سيكون أكثر إفادة بكثير حين لا نحاول مقاومته.

لكن هذا أمر لا يسهل القيام به دائمًا؛ لأننا لا يمكننا الاعتماد على مشاعرنا بصورة دائمة، ففي بعض المواقف، تساعدنا مشاعرنا على كشف الذرائع والادعاءات، وتعمل كرادار داخلي يمنحنا قراءة أكثر دقة وذكاءً لأحداث الموقف الفعلية. من منا لم يمر بهذه المشاعر الحدسية التي تخبرنا بأن “هذا الرجل يكذب” أو أن “هناك شيئًا ما يزعج صديقتي حتى لو كانت تخبرني بأنها على ما يرام”؟

لكن في مواقف أخرى، تستحث المشاعر الأفعال القديمة وتخلط بين إدراكنا لما يحدث في اللحظة الحالية وبين التجارب المؤلمة السابقة. يمكن أن تسيطر هذه المشاعر القوية علينا تمامًا وأن تحجب أحكامنا وأن تقودنا مباشرة إلى المخاطر، وفي هذه الحالات، قد “تفقد السيطرة على مشاعرك” وترمي مشروبك في وجه من يكذب عليك، على سبيل المثال.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

للتحميل اضغط هنا

لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى