قريبا

رواية الجنازة المرحة – لودميلا أوليتسكايا

كان هذا الأسبوع الثاني له في المنزل. فقد أخبر الأطباء في المستشفى أنه لا يريد أن يموت هناك. كانت ثمة أسباب أخرى لم يعرفوها، ويجب ألّا يعرفوها.
على الرغم من أنّه قد أحبَّه الجميع في تلك المستشفى ذات السرعة العالية والشبيهة بمقصف للأكلات السريعة، حتى الأطباء الذين لم يكن لديهم الوقت للنظر في وجوه المرضى بل كانوا ينظرون في أفواههم أو مؤخراتهم أو في أعضائهم الأخرى التي تؤلمهم. كانت شقتهم مثل فناء (بين المنازل) متاحة لكل مَن هبَّ ودَبّ، مزدحمة من الصباح حتى الليل، وفي الليل كان لا بد للبعض أنْ يبقى. المكان هنا ممتاز لحفلات الاستقبال، ولكنه لا يُطاق للحياة الاعتيادية: دورٌ علوي، مستودعٌ مُحوّرٌ بقواطع قُسِّمَت لحصر مطبخ صغير ومرحاض فيه دش وغرفة نوم ضيقة بشريحة للنافذة. واستوديو رسم كبير ثنائي الإضاءة. يقضي الضيوف المتأخرون والأشخاص الطارئون الليل هناك في الزاوية، على السجادة. عددهم في بعض الأحيان يصل إلى خمسة أشخاص. لم يكن ثمة باب فعلي للشقة، كان المدخل مباشرة من مصعد الخدمة، الذي كان يرفع إلى هنا، قبل مجيء آليك، رزمات التبغ التي بقيت حاضرة هنا إلى يومنا هذا بشكل شبحي.
انتقل آليك إلى هنا منذ مدة طويلة، قبل عشرين عاماً تقريباً، وقَّع العقد من دون أنْ ينظر إليه، وكما اتضح لاحقاً، كان ملائماً للغاية. وحتى يومنا هذا، يدفع آليك مبلغاً زهيداً جداً مقابل إيجار الشقة. ومع ذلك، لم يكن هو الذي يدفع. إذ لم يكن لديه منذ زمن بعيد أيّ مال، وحتى مثل هذا المبلغ الزهيد. نقر المصعد. فدخل فيما غروبر، ساحباً عليه قميصه الأزرق العادي أثناء المشي. لم تولِه النساء شبه العاريات اهتماماً ولم يلاحظنه بأعينهنَّ. كان يحمل حقيبة طبيب عتيقة من عهد الأجداد أُحضرت من خاركوف. كان فيما طبيباً من الجيل الثالث ومثقفاً واسع الاطلاع وأصيلاً، لكن شؤونه لم تتألق ببراعة، لم يجتَز الاختبارات المحلية وعمل مؤقتاً، للسنة الخامسة، بصفة عامل مؤهّل في مختبر بإحدى العيادات الغالية. كان يأتي كل يوم، وكأنه يأمل أن يحالفه الحظ ويقدم نوعاً من المساعدة الطبية لآليك.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى