قريبا

رواية القليل – هاكان جونداي

كانت في السادسة من العمر وكان عليها أن تموت وهي في هذا العمر. لم تكن تجرؤ على إشاحة نظرها عن تلك الحشرة. ترتعد أوصالها من شدة الخوف وهي تنظر إلى سقفٍ تبلغ مساحته مساحة حقل من حقول عبّاد الشمس، ولم تكن ترى فيه سوى تلك الحشرة. حشرة بحجم حبة صغيرة من حبات عبّاد الشمس. سيقانها دقيقة، تبدو مع الشعيرات المحيطة بها كأنها كرعان، أما مجساتها فكانت دقيقة هي الأخرى كما لو كانت رموشاً حادة. صورة حشرة، بقعة شديدة السواد تصبغ البلوك الإسمنتي ببدنها الراكد كما تصبغ الظلَّ الحالك محولة إياه إلى بقعة رصاصية داكنة. بنفس اللون الذي تخضلت به عينا الفتاة الصغيرة من أثر الخوف. كانت قد قربت البطانية إلى ذقنها وراحت تعتصر حافتها بين كفيها المبتلَّين.

تفكر متى تسقط الحشرة على وجهها. كانت تنام في الطابق العلوي من سرير حديدي لا سلم فيه. تبلغ المسافة بينها وبين السقف أقل من متر واحد. بالطبع كان عليها أن تتأخر في الاستيقاظ من النوم. كان عليها أن تفتح فمها إلى آخره عندما تنام وكان على الحشرة أن تمر من بين أسنانها. أو ربما كان عليها أن تسقط أولاً فوق البطانية وتظل هكذا تدب عليها لبعض الوقت ثم حين تشعر بالجوع ستطأ وجهها الصغير وتدخل في واحد من منخريها، لتمزق أي شيء يعترض طريقها. رفعتْ رأسها لثوانٍ ليس إلا ونظرت إلى اليمين في محاولة منها لكي تعرف كم هو ارتفاع مكانها عن مستوى الأرض. ولكن ثانية واحدة لم تكن كافية لتحقيق هذه المحاولة. ولم تكن قد رأت الأرضية حتى أدارت عينيها إلى الحشرة خشية أن تضيع من مرمى نظرها.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى