قريبا

رواية باب الساحة – سحر خليفة

من جبل تبدو نابلس كانون نار، والمصابيح تتألف كحبات الدق، لكن العتمة والآهات ونداءات الشباب. وحسام المصادر أين ينام؟ يجئ مع شقشقات الفجر وآذان الصبح ينقر شباك العلية ويقول وهو ما زال خلف القواطع: “صباح الخير عمتي”. يسعد صباحك ويطلق جناحك ويجعل نهارك نور وسرور. فوق يا عمتي فوق، فوق خدلك غفوة”. وتقوم من فراشها فيندس فيه، وينام حتى قبل الظهر. وذات مرة جاءها برفيق له، وكان جائعين كالقطط الضالة، فأكلا الخبزات واستقرضت المزيد. وبعدها بأيام جاءها بالرفيق نفسه وفي صدره صلية دمدم. ومات الشاب بين يديها وحسام يبكي في العتمة وقف على السطح وصفر، فجاءوا كالجن من الليل حملوه ودفنوه في لحظات دون أن تعلم أمه، وحين حملت لها الخبر المشؤوم صاحب بجنون: ابني لحالي؟ ابني وابنك، أنت سحبتيه!وتذكرت. بلى والله، فهي من قصت سرته، وهي من تلقت بشارته، وهي من حملته يوم طهوره، واليوم، هي من تسمح دمعته الأخيرة، وتذكرة عينيه الغائمتين ورائحة عرقه، مات وهو يحلم بحمام ساخن، ودفنوه بعرقه ورائحة الأصطيل والتبن العالق في شعره. صامت الولادة فهرعت إليها. وأطل الرأس ثم غاب فنامت وبرد الطلق وتراجع وخافت أن يبرد أكثر، فصاحت فيها تصيحها: عيني ولدك يا مستورة، عيني ولدك!”

من واقع معاناة شعب فلسطين ومن جراحهم المذبحة بالدماء، تلتقط سحر خليفة صور روايتها هذه “باب الساحة” لتروي للعرب وبأسلوبها المعبر البسيط مشاهد تحدث كل يوم خلف هذا الباب الكبير الذي هو صورة لأبواب أخرى تخفي خلفها نفس المعاناة في فلسطين. في حي من أحياء نابلس شرح الكاتبة بقلمها لتلتقط صورها من كل البيوت، ولترسم وعبر شخصية “الداية زكية” وبيراعها ما يحدث من تخريب في بيوت نابلس وحرق ودمار على يد أصحاب العلم ذا اللونين الأزرق والأبيض وهي بما ترسم لم تنسى التوقف عند واقع المرأة الفلسطينية المتدهور محاولة المقارنة بين حالها اليوم بعد الانتفاضة وحالها قبل ذلك أيام العز حيث لم يكن للدمعة في عيونها طريق ولا للخوف في ملامحها تعبير.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى