قريبا

رواية بلا ظلال – حسن علي طوبتاش

ان يظن أن هذه القرية أبعد قرية عن الله وعن الدولة، وبعد ذلك؛ على الرغم من أنه كان يعلم أنه لن يرى شيئاً فإنه كلما انتصب قدحه كان يحدق في المنحدرات المدفونة في الظلام رغبة في الصعود إلى أعلى نقطة فيها ورؤية الأماكن التي تقبع خلف الغابات والهضاب والمراعي. ثم عاد ببصره إلى السهل ونظر طويلاً إلى خط الأفق الذي يمنح الإنسان إحساساً بعدم الوصول إليه مطلقاً.

ثم بعد ذلك، عبرت من ذهنه سحابة أفكار سخيفة، فمثلاً راودته فكرة هدم تلك الجبال كي يتمكن الله من رؤية هذه القرية أو على الأقل كي تتمكن الدولة من إدارة رأسها والنظر إلى هذه القرية ولو مرة واحدة. بعد ذلك، تاب فوراً معتقداً أنه قلّل من عظمة الله؛ إذ همهم إذ تمتم بجميع أسماء أنبياء الله الذين يعرفهم من تاجر وحداد ومصارع وطبيب؛ وربما لم يكن هناك من داع للشرب بهذا القدر، فالدولة اليوم أو غداً ستأتي بنفسها دون انتظار دعوة من أحد وستنشر قوّتها في قلب السهول، وسترفع علمها في أحد هذه الأماكن وستتمم وجودها، ثم بعدها ستأتي وستنتصب أمام مكتب المختار. ومما لا شك فيه أن كبار السن سيكونون الأكثر تعجباً أمام هذه المعجزة التي ستحدث فجأة؛ وذلك لأنهم سمعوا منذ طفولتهم أن قنوات الري ستفتح.

كانوا يتحدثون بذلك منذ سنوات. حتى في وقت الانتخابات، قيل إن بعض النواب كانوا يأتون إلى السهل ويتجادلون حول ما إذا كانت القنوات يتوجب مرورها من هنا أو من هناك، وربما أيضاً كانوا يقومون بتحديد أماكنها من خلال تثبيت الأوتاد وسحب الخيوط. وبالطبع لم ير أحد من سكان القرية الرجال الذين جاءوا إلى السهل. والحقيقة أنهم لا يستطيعون رؤيتهم؛ لأنهم ما إن يسيروا على الطريق إلى أن يصلوا إليهم يكون أولئك قد ركبوا سياراتهم وعادوا إلى العاصمة.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى