قريبا

رواية بينما يغني عبد الحليم – محمد هشام دلاش

بعد ثلاثة أيام نادتهم الرأسمالية فلبُّوا نداءها، انتهت إجازة الحداد وعادوا أدراجهم إلى عاصمتهم المُزدحمة، كم ألِحُّ على عاصم أن أنتقل معهم إلى هناك، لكني أبَيْتُ، أبَيْتُ على نفسي أن أعيش كالضيف الثقيل مُتنقلًا كلَّ عدَّة أسابيع أو شهور بين بيت من بيوتهم الثلاثة، كما أني لا حياة لي من دونك ومن دون المحلة، مدينة حملتني فوق ترابها سبعين عامًا، أتركها الآن؟ لصرت نذلًا ناكرًا للجميل.

أغلقت فاطمة الباب بعدما قبَّلتني طويلًا، قالت إنهم سيزورونني كل أسبوعٍ لكني بأي حال كنت أعلم أنهم كاذبون، ووحدي بقيت في البيت الذي بدا رغم حر الصيف ورغم كل الأنوار المُضاءة باردًا مُظلمًا، لأول مرَّة يكون للصمت هذا الوقع المرعب لحظة أدركت أني سأعيش هنا وحيدًا لا أُحدِّثُ أحدًا ولا يُحادثني أحدٌ، لا ضحكة تؤنسني ولا همسة تناجيني ولا يد تربت على ظهري حين تعتريه الآلام، فعاودني سريعًا إحساسي بأني ورقة ضعيفة تالفة لكن الآن حتى الجذر الذي يربطني تساقط.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى