قريبا

رواية روحسد – محمد الطيب

نظرية قتل المؤلف هي ما يحاول الروائي السوداني محمد الطيب إثباتها في عنوان روائي ‏مثير للجدل مسكوك بالكثافة والغموض، هو (روحْسد) تاركاً المجال لتوارد نسق من ‏القراءات والتأويلات المتعددة الأبعاد والمقاصد، حول ماهية العمل الإبداعي وغايته والقول ‏بأنه كيان قائم بذاته بغض النظر عن المؤلف، أو أن الكاتب تتلبسه الشخصيات التي ‏يكتبها ولا يستطيع التملص منها إلا بعد الانتهاء من الكتابة.

ولينفتح السرد فيما بعد على ‏قصة رجل يحاول التهرب من ماضيه ولكنه لا يستطيع الإفلات منه. وامرأة هي الحقيقة ‏الوحيدة في حياته ولكنها تركته.. والسبب أنه كان يهرب من طين الجسد!! .. ناشداً ‏الروح.. ومن تنهض عندهم الروح أولئك الذين كُتب عليهم الشقاء إلى الأبد…‏‎‎والرواية جاءت بطابع سردي مختلف، من حيث اللغة والشكل والمضمون، على شكل “نص ‏داخل نص”، تقدم فيه كل شخصية نفسها بنفسها في وحدة سردية وتتضمن التعريف ‏بروايات وكتّاب ومحطات إعلامية مرئية وأخرى مكتوبة أجرى عليها الروائي بعض التعديل، ‏والتغيير، والتحوير، لتبدو لنا خلقاً جديداً، لا علاقة لها بالأصل وربما فعل ذلك كنوع من ‏التقية الروائية ليتسنى له رسم شخصياته كيفما يشاء.

يُعبر من خلالها عن رؤية جديدة ‏وموقف روائي، وأهمها “شخصية الروائي العالمي خيري عبد العزيز صاحب الثماني روايات ‏التافهة..”، وشخصية سليم الصوفي السجين الذي قتل أمّه في ثورة غضب!.. وكوثر ‏الإعلامية الناجحة والمشهورة وغيرها من الشخصيات التي تؤلف اللُحمة النصية للعمل، ‏دامغة أفقها بصبغة البحث المحموم عن ماهية العلاقة بين المؤلف ونصه، وتُمكِّن من ‏إدراكنا لفارق دلالي على قدر بالغ من الانسجام النظري مفاده أن الألم الروائي كالألم ‏الحقيقي، قيمة إنسانية متعلقة بحياة البشر ومتصلة بالذاكرة والعواطف والسلوك، وتستمد ‏وقعها من الطبيعة المعقدة للكائن البشري سواء كان كاتب أم مكتوب.‏‎‎

من أجواء الرواية نقرأ: عندما أعود بذاكرتي إلى تلك الأيام تبدو محاطة بغلالة من السحر ‏وكأنها لم تحدث على أرض الواقع للقدر ترتيبه الذي يبدو غير مفهوم لنا نحن البشر ولكن ‏يظل يغزل خيوطه كي يفضي بك إلى حدث أو موقف ما أو كي تقابل شخصاً يغير في ‏الكثير من قناعاتك ومسلماتك في الحياة، بل ومن عجائبه أن هذا الشخص قد يكون ‏موجوداً على الدوام ولكن عين بصيرتك تعمى عنه ثم يأتي الوقت المناسب لتنجلي تلك ‏الغشاوة عن عينيك في لحظة معينة فتراه لأول مرة وتنكر معرفتك به سابقاً، بل وربما ‏تجادل وأنت في كامل الثقة بعدم وجود علاقة بين الشخصيتين رغم تأكدك بأنهما الشخص ‏نفسه ولكنك تبصره الآن بعين البصيرة.‏

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى