قريبا

رواية عراف القرية – محمد سيد

يجلس الصبي (المعتصم) ابن الأربعة عشر عامًا، شاردًا على مقعد مهترئ بقطار مزدحم وبجانبه أمه وعلى ملامحها الحزن وهي تحمل أخاه الصغير والذي لم يتجاوز الأربعةُ أعوام صرخ الطفل فضمته لتهدئه، شرد الصبي متذكرًا ما حدث منذ بضع ساعات لأبيه وهو يطل من خلف زجاج باهت على تلك الأعمدة المتلاحقة، تذكَّر آخر ليلة في قرية (الحسنية) وكيف طُردوا جميعًا منها بلا رحمة، تذكَّر وهو عائد من مدرسته يحمل حقيبته المدرسية على ظهره متجهًا إلى منزله، يرى الرجال مجتمعين في جمعية البلدة ورجل ضرير يخطب فيهم، لم يكترث الصبي لما يراه أمامه فهو يدرك أنهم مجتمعون بسبب وفاة الطفلة الصغيرة بالأمس يقولون إنها سُحرت، ولكن ما شغل باله في ذلك الوقت هو أخوه الصغير، أقبل على منعطف الترعة ليمر على بيوت طينية حتى يصل إلى بيتهِ، شعر بنوعٍ من القلق في منزله فوجد أباه يسرع في وضع كتبه داخل حقيبته وأمه تهرول أيضًا في جمع ما تقدر عليه من مستلزمات البيت، تَسَلَّل داخل غرفة والده فشعر به الأب وابتسم ونفَر عما كان يفعله ثم اقترب من (المعتصم) وهو يحمل في يديه خاتمًا قديمًا ومجلدًا صغيرًا، أدخل الخاتم في إصبع ابنه وبعد ذلك فتح سحاب حقيبته المدرسية ووضع مجلدًا ورقيًّا صغيرًا ثم نظر إليه وقال: 

– إذا جاءت نهايتي يا ولدي وأظنها قريبة لا تصدق ما قيل عني، وأنا لست بملاك ولا شيطان ولكني أريد أن أقول لك نصيحة، الناس يا ولدي في بلدتنا هذه يصنعون نار الشر وينَفَخون فيها حتى تعلو وترتفع لتحرقهم وبعد ذلك يحاولون إخمادها، ولكن ليس كل مرة ستُخمد النيران.. لقد أعطيتك هذا الخاتم المجيد وتركت لك هذا المجلد، فإذا كان حظك غير حظي فستكون من المُبشرين.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى