قريبا

رواية عناقيد الرذيلة – أحمد ولد الحافظ

“عناقيد الرذيلة” تراجيديا تطرح مجموعة من الإشكاليات من خلال أبعاد الزمن الثلاثة (الماضي ـ الحاضر ـ المستقبل) وهي إشكاليات مزمنة؛ عانى منها العقل العربي دائما؛ وخصوصا ذلك العقل الذي يعيش على “الأطراف” مهزوز الثقة في الهوية، ومرتبكا في تحديد معالمها، وآليات تحديدها؛ حيث عالجت “الرواية” قضية “الهوية” من بعدين؛ بعد بيولوجي، وبعد سيكولوجي، وفي زمنين ومكانين “موريتانيين” مختلفين؛ من حيث المفاهيم والرؤى (مع إمكانية إسقاط تلك الزمكانية) الزمن الأول بداية القرن العشرين، أما الزمن الثاني فهو نهاية ذات القرن، وقد حاولت الإجابة على إشكالية “الهوية” بالنسبة لبعض الشرائح العربية “السمراء” التي عانت في مرحلة من تاريخها من ظلم “العبودية” حيث تطرح تلك الإشكالية في المغرب العربي بإلحاح؛ على الرغم أن أولئك “السمر” يشكلون ـ مثلا ـ أغلبية العرب في بلد مثل موريتانيا، كما أنها سلَّطت الضوء على الظلم الذي صاحب تلك العبودية.

وقد حاولتُ الكشف عن جذور “العبودية” وواقعها؛ إذ حاول “أرستقراطيو” الصحراء شرعنة تلك الظاهرة التي انتشرت كثيرا في تلك الأصقاع، وكانت في الحقيقة أبعد ما تكون من الشرعية؛ مع لفتة إلى أن الاعتزاز بالانتماء والهوية لا يعني بالضرورة احتقار “الآخر” ولا النظر إليه بنظرة دونية؛ خصوصا حين تملي عليك مقاسات الدولة “الوطنية” الحديثة تنوعا “إثنيا” كما هي الحالة لدينا؛ مع أن التنوع ـ أيضا ـ قد يكون مذهبيا، أو دينيا ومن هنا حاولت تحطيم الفوارق المبنية على تلك الأسس.

كما تطرح الرواية قضية المرأة، وما تعانيه من ظلم مشرعن، واستخدام الدين للغرض الذاتي بغض النظر عنه، والتحايل من خلاله على عواطف الناس؛ لما صاحب ذلك من خلط بين “الدين” نفسه و”التدين” حيث أصبح “المتدين” وصيا على الدين؛ ناطقا باسم الله؛ يوزع الإيمان والكفر والنفاق، واضعا القوانين والنظم وفق منظوره، وما صاحب ذلك السلوك من تشويه للدين وتحريف له؛ حيث يمارس الظلم باسمه، ومن قبل “المتدينين” مظنة الدين والخير في وجدان “العامة”.

وحاولت في “التأسيس التخيلي” أن أمزج بين العلمية؛ كما يمليها الواقع اليوم؛ الذي يأبى غير قوانين الفيزياء والرياضيات.. وشيء من خرافتنا التاريخية مثل “الحلم” و”الكشف” و”الكرامة”..

ورسالة الرواية الأساسية هي الدعوة إلى “الإنسانية” و”الحرية” و”المساواة”.. والابتعاد عن توظيف الدين للأغراض الدنيوية.. أما عن الفضاء الذي كتبت فيه الرواية، فقد تقاسمها فضاءان؛ أحدهما خاص ضيق، أملاه الاحتقان “المجتمعي” لدينا في موريتانيا، والذي يغذيه الإرث العبودي والإنساني، وتوقف تطور مفهوم الدولة لدينا، بشكل يشي بمستقبل مخيف. وفضاء عام متسع؛ تمثل أكبر ملامحه هزيمة “مشروع” بناء العقل العربي؛ بما يلائم الواقع الكوني اليوم؛ ذلك المشروع الذي ظل_ دائما_ رغم إحباطاته؛ أولوية لدى الإنسان العربي المهتم بواقعه؛ لينهزم في النهاية؛ أو هكذا تخيلت؛ لتبدأ “حملة” إعادة العقل العربي إلى بواكير تشكله.. بالمجل؛ كتبت الرواية تحت وابل جارف من الاحساس بالهزيمة وبالاحباط؛ وكأنني لم أعد أملك ما أخاف عليه؛ حتى الأمل بدا أيامها باهتا..!!!

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى