قريبا

رواية كنز السييرا مادري – برونو ترافن

ثلاثة صعاليك من بقايا الحلم الأمريكي يصّاعدون جبال السّييرا مادري شمال المكسيك، وتصحبُهم في رحلة البحث عن المعدن الدّرّيّ أحمِرتُهم المشهورة بحكمة الحياد. السّييرا مادري، أو “أمّ الجبال المُسنّنة”، هي رَحِمُ الذّهب الخالص الذي اجتمع على رايته الكهنةُ والشّياطينُ وأصحابُ “البُدلات البيضاء”، والأرضُ الموعودةُ الّتي سعى إلى بقر بطنها مجانينُ الطّبيعة ولصوصُ الحضارة.

الذّهب، كما الحياةُ في البرّيّة، وكما فعلُ الكتابة نفسُه، محنةٌ وشقاءٌ لا تُطيقُهما الأنفسُ. لو كان منثورا مثل حبّات القمح المتروكة إثر الحصاد، لَما تجاوزت قيمتُه حفنةً من التّراب، ولَما تعدّت روايةُ برونو ترافن أن تكون أدبًا آخر مألوفًا من أساطير حُمّى الذّهب وحكايات علاء الدّين. على الاستكشاف والتّنقيب والغسل والصّهر، وعلى التّغابُن والتّناحُر بين المستكشفين، أن يحدُث بعيدا في أقاصي الأرض، وأن يستبيح حُرمة الطّبيعة التي طالما عَرَفتْ كيف تُصفّي حساباتِها وتثأرُ لنفسها على طريقتها هي.

تتوالى أحداث الرّواية رتيبةً رتابة العيش في الأحراش والفيافي، ومُتثاقلة ثقلَ الرّوح الآدميّة المشحونة بالجشع والبغضاء. وفي أرض الحدّ المنكودة هذه، تتمازجُ الأعراقُ من بيضٍ وهُنودٍ ومستيزو، وتتداخلُ النّزواتُ والنّوازعُ البشريّة، وتتشابكُ القصّة الإطار مع القصص المُضمّنة الّتي دأب على سردها كبيرُ الصّعاليك حول الموقد ليلاً، فتزيدُ الرّوايةَ أفُقًا وعُمقًا، والقارئَ فطنةً إلى مصير الإنسان المحتوم.

ذلك هو الكنز أيّها السّادة، إنّها تلك القوّةُ المكذوبة الّتي تستنهض الغرائز وتُغيّر السّرائر، واللّعنةُ الأبديّة الّتي تصهرُ معدنَ الإنسان، فتُحيلُه عبدًا لِما يملكُ. أمّا الكنز الحقيقيّ، فَلَيْسَ سوى رواية برونو ترافن وهو يصهر الكلمات ويصقلها ليصنع لكَ كنزكَ أيّها القارئ، «كنز السييرا مادري».

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى