قريبا

رواية هباء – حسن علي طوبتاش

أقفل ( زيا ) الباب من دون أن يضع المفاتيح في جيبه وتوجه بخطى مسرعة نحو المصعد الكهربائي . في تلك الأثناء كانت هنالك حالة غريبة تسود ردهة الممشی برغم وجود المصابيح الصفراء المضيئة والتي كانت تضاء بالتناوب معلقة كالعادة في مكانها ذاته في السقف ، إلا أن الجو كان يعد مظلماً بعض الشيء ، تخيم على الأرجاء حالة من الهدوء محيرة . إلا أنها لم تدم طويلا ، إذ بدّدها صوت ارتطام قوي قادم من الطابق السفلي. يفيد أن بابا من تلك الأبواب الفولاذية ذوات اللون البني أغلفت فجأة.
لم يعرف من الذي قام بغلق بابه ، ولكن الفعلة انتهت بسرعة وكأنها مزحة لطيفة . حيث إن ( زیا ) اختفى خلالها في ذاك الممر الواسع . بعدها سمع صوت طفل صغير ذي حلق كبير يتردد عبر السلالم من جوف ذلك الظلام الدامس . ومن ثم سمع صراخا قاتم السواد لامرأة ، أعقبه صوت قوي لتشغيل مكنسة كهربائية يتردد صداها هنا وهناك ويدمر الأعصاب ، بعد ذلك اعتلى صوت دوران مثقب يصاحبه غبار ، لا يعرف مصدره . ثم اختلط معه ضجيج قادم من خلف الجدران . هذه الأصوات مجتمعة تذكر الإنسان بصخب المدينة مضافاً إلى ضوضاء الشارع والأصوات المسموعة داخل العمارة ، تدور وترتج معاً ليختلط بعضها مع بعض وكأن المبنى هو الذي يصدر هذه الأصوات الغريبة. كان ( زيا ) قد وصل قبالة المصعد الكهربائي في تلك الأثناء فتح الباب والتفت ليلقي نظرة إلى الممر وإلى فراغ الدرج والأصوات القادمة من هناك ، حيث وقع بصره على تلك الأزهار البلاستيكية المعلقة على الأبواب ، اسودت عيناه عندها وهو يتطلع إلى تلك الأبواب . ليس هذا فحسب ، بدأ يحس بالغثيان وكانه يشاهد القذارة تنضح من بين الأشياء التي ينظر إليها ، فبدأ يتلوى شيئا فشيئا من وطأة المنظر الذي بدأ يثقله. وبهذه الحالة المزرية دخل ( زيا ) المصعد الكهربائي و على الزر الذي سينقله إلى الطابق التاسع عشر والذي يصعد إليه للمرة الأولى ، قرع جرس الشقة رقم إحدى وتسعين . باب الشقة فولاذي ذو لون بني وبقفلين مزدوجين . يحتوي في وسطه على فتحة كبيرة لناظور المراقبة ، وعلى الباب زهور بلاستيكية شبيهة لما موجود على الأبواب الأخرى ، في خيوط إحدى الزهور شريط أحمر اللون عليه خرزة حسد كبيرة على شكل لسان الجمل كانت قد علقت على أحد الأبواب .
ظل ينتظر وهو يديم النظر إلى تلك الخرزة كالمسحور بعينين لاترمشان . ربما كان سيستغرق وقتا أطول في معاينة تلك الخرزة إلا أن الباب قد فتح في تلك الأثناء وظهرت إلى منطقة الضوء خادمة السيدة ( بینناز ) ذات العينين العسليتين .

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى