قريبا

كتاب الطيور تعود إلى أعشاشها – وجيه ضاهر

مع أن أجسامهم التصقت بسيارة الأموات، ومع أنها التصقت عندما سقطت بعضها على بعض في الساحة، إلاّ أن أجسامهم انوجدت بعد ذلك على مسافات متباعدة، وإذ أزورهم، وقد كنت أزورهم في بداية تفرقهم كثيراً، أشعر أن جسدي لا يحتمل المسافة بين غزة الفوقا وغزة التحتا، ولا يستطيع أن يكمل المسير إلى غزة الدرج إلا بعد أن أتوقف في قهوة حمدان وأشرب شاياً ثقيلاً.

(من القرنفلة البيضاء)

…أوى الرجل إلى سريره في آخر الليل. وضع يديه تحت رأسه وبحلق في السقف. أسعد، أسعد. المكان سكن سكوناً تاماً، الليل لم يخرج أية نأمة. هل نام الأولاد؟ البنت الكبيرة رفضت أن تخرج من المطبخ، بقيت قاعدة على الأرض وأغلقت عيونها، رأسها مسند إلى كرسي. هل يذهب إلى المطبخ ويحاول مرة أخرى أن يقنعها بالنوم في غرفتها؟ جسم الرجل نمّل ولم يستطع أن يتحرك.

أنصت. ليس إلا الليل الساكن.

ثم سمع أصواتاً، أصوات أرجل، أصوات أشياء تجر. أصوات الخلق في زرعين القديمة. أصوات عربات. لنرحل إلى جنين، بضعة أسابيع حتى تهدأ الأمور. إن هي إلا بضعة أسابيع وينتصر الجيش العربي. لن يستطيع اليهود الصمود أمامه.

وقال رجل يحمل بندقية على كتفه: هل يصمد اليهود أمام جيش دربه الإنكليز؟

سمعت قهقهات عالية، قهقهات مجنونة. وقال صوت فتى: الجيش العربي لا يحرك ساكناً. لنبق هنا.

إلا أن صوته ابتلعه ضجيج العربات والخلق الذي يدب على الطريق إلى جنين.

(من زرعين تطرق باب الرجل)

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى