قريبا

كتاب غيمة عطر – حميد الربيعي

أفكر في ما سيفعله صباغ الأحذية، حين يستيقظ ويجد عدته قد سرقها الابن، عند انتصاف الليل، قبل أن يأوي إلى مخدعه، عالقا بذاكرته احتضانه العدة، خوفا من الضياع، رغم علمه أنها لا تفارقه، فلقد حفر اسمه على صندوق الخشب، حالَما تصدعت أركانه، قبل أعوام، ولم تعد تستهويه عملية الرتق التي مارسها مرارا مع تلك العدة.

ربما حين يفيق ويفرك عينيه من النعاس الذابل، سيرى حتما ثمة سيارة أمس مسرعة، كانت تقفز فوق الركن، الذي يتخذه مقعدا له، عند حافة تقاطع شارع الفرزدق مع جرير، ذاك المكان شبه الدائري الذي أثرى الكتب في تبادل الشتائم والقذف ضد الآخر، كما تروي الحكايات.

قد يرى، بعدما يغسل عينيه من ليلة سهر مضنية، أنه تمنى السيارة المسرعة لا تصل موضعه وأنه قد نط، قبل وصولها، السياج القريب، الذي كان يقود المعري عبره إلى الجادة الأخرى من الشارع، حتى أنه ظل يتردد في مسامعه طوال الليل أن الرجل الضرير سيأخذه في رحلة خارج هذه المدينة.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى