قريبا

كتاب أمس واليوم وغدا حياتي – صوفيا لورين

في نهاية هذا الطريق الطويل يوجد المستقبل. الغد لا يزال حافلاً بالأحلام مثله مثل الأمس واليوم. العودة إلى ناپولي، مدينتي المحبوبة، إلى ناسي، الذين يُحيوني ببهجة من الشرفات، يجعلونني أشعر أني أشبه بفتاة صغيرة ثانية، يجعلونني سعيدة. إنما إذا كنتُ راضية تماماً، عندئذ سأشعر أن الحياة شكّلت عبئاً عليّ. بدلاً من ذلك، العيش يعني أن نضع نصب أعيننا أهدافاً جديدة نكافح من أجلها يومياً وبلا هوادة.
أدع عقلي يتيه، أخطأ في مشروع أفكر فيه الآن منذ حقبة من الزمن. إلا أنه فات الأوان حالياً، أحتاج إلى أن أنام بضع ساعات. غداً عشية عيد الميلاد «الكريسماس»، أسرتي تنتظرني. أكاد أغلق الغطاء على كنزي الثمين من الذكريات حين أجد نفسي أحمل ورقتين صفراويتين عني. ربما أنا الذي كتبتُهما، مَن يعرف متى، مَن يعرف لماذا. أبدأ بالقراءة بينما في الخارج العالمُ ينام بسرعة تحت الثلج.
كان يا ما كان، كانت هنالك فتاة صغيرة ذات رِجلين نحيلتين، عينين كبيرتين، وفم قلِق. كان يا ما كان، كانت هنالك فتاة صغيرة تحب كلّ نصل من أيّ عشب موجود، سواء أكان عشباً قبيحاً أو جميلاً. كان يا ما كان، كانت هنالك فتاة صغيرة وُلدت في شبكة من الجذور المُرّة في زهرتها اكتشفت العالم – جبالاً كي تصعدها – أشجاراً كي تغامر في النزول منها.
كان يا ما كان، كانت هنالك شابة أحبت الكون بأسره، بكلّ ما يُفترض أن يُرى ويُرتحل. كان يا ما كان، كانت هنالك امرأة ودّت أن تتغلّب على كلّ مخاوفها وأن تعيش في العالم بعينين كبيرتين. كان يا ما كان، كانت هنالك امرأة أصبحت ممثلة تمثل للآخرين آلاف الوجوه التي حلمت بها إلا أنها ربما لن تجرّبها قط. كان يا ما كان، كانت هنالك امرأة ودت أن تكون زوجة – كان صعباً وعسيراً أن تحقق هذا الهدف. كان يا ما كان، كانت هنالك امرأة ودت أن تكون أُماً حالها حال أيّ امرأة أخرى وأن يكون لها أولاد يكونون كلّهم ملكها وحدها. كان يا ما كان، كانت هنالك ممثلة أدت أدوارها في أفلام سينمائية كثيرة – كلّها جبال من المفترض أن تتسلّقها. ليس جميع الجبال كجبال الهمالايا، وليس جميع الأفلام السينمائية كالجبال التي من المفترض أن تتسلقها… إلا أنها قاطبة كانت تستحق التجربة. كان يا ما كان، كانت هنالك حياة مريرة ومُدهشة بحيث أن فتاةً صغيرة، أصبحت امرأة وممثلة، تستمر في تكرارها من أجلها هي. سيكون هنالك دوماً في يوم من الأيام فتاةٌ صغيرةٌ جداً تنظر إلى العالم بعينين كبيرتين وبلهفة للحياة.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى